صخب العالم الافتراضي.

بالنسبة لي أعتقد بوجود صراع بما يتعلق بتنمية الذات واستثمارها، فوجود مواقع التواصل وازدحامها بالكثير من الوقائع المستجدة كل يوم يجعل من الصعب التركيز وتقدير وقت كافٍ للحياة الواقعية لاستغلال أوقات الفراغ بطريقة أكثر نفعًا وحكمة باجتناب ما لا قيمة له. 


فقد سهل الإنترنت علينا جميعًا عملية البحث والتعلم الذاتي وتعددت مصادره، أصبح بإمكاننا الوصول إلى ما نريد بكل سهولة، وأن نستمد منه الفائدة، كتعلم اللغات، ونشر الأطروحات، قراءة الصحف والكتب، ما جعلنا على اتصال دائم بالعالم، على جميع الأصعدة.


ولكن من الضروري أن نعي مدى أهمية الاستفادة بما في أيدينا، وأن نغدو قادرين على أن نجعلها وسيلة مسخرةً لنا، لخدمتنا في عدد لا متناهٍ من الموضوعات، وأن نحذر من الانجراف نحو دائرة الإدمان. 


هل نحن فعلًا نستخدم الهاتف أو الهاتف الذي يستخدمنا؟


وجد الخبراء أن 30 يوماً يقضيها الشخص منقطعًا عن مواقع التواصل بشكل كلي، تعد بمثابة علاج نفسي وفقًا لتجارب العديد من الأشخاص.


من غير المستبعد أن التكنولوجيا اليوم مصدر رئيسي من مصادر الضغط النفسي، ففي تغريدة كتبها الدكتور وافي عبدالله قال فيها: تجلس على جوالك طيلة يومك من دون هدف ثم تتوقع تحسن النفسية؟


فانهالت التعليقات، أشخاص كثيرون يطلبون أن يعيد كتابتها كل يوم للتذكير، وكأننا أصبحنا ننسى ماذا نريد، وفقدنا السيطرة على أنفسنا فصرنا مغيبين، ونحتاج إلى ما يشبه المنبه بصفة دائمة يوقظ بدواخلنا ضميراً ينبهنا على أن نتدارك حدود وقتنا.


أننا اليوم لا نستطيع أن نتخيل حياتنا من دون الإنترنت، الذي يجمع كل الأخبار والعلوم والتطورات الحاصلة ويوفرها أول بأول، وينشرها على نطاق واسع، لتصل إلى كل فرد منا، المهتم وغير المهتم، من دون عناء البحث عنها بالضرورة، وتتوالى الأحداث على شاشاتنا لتشكّل مصدرًا من القلق أو الانزعاج لدينا، ما قد يؤثر على بقية يومنا. 


إن أهم ما ينبغي عمله لممارسة حياة متقدمة تكاملية وصحية في آنٍ واحد، هو انتقاء المحتوى وتنظيفه قدر الإمكان من كل ما قد يعكر صفو أذهاننا ويمتص طاقتنا، مع تخصيص أوقات معنية بالتصفح، ولا غنى للمرء عن أن يستفرد بنفسه لبعض الوقت، ويبتعد عن صخب العالم الافتراضي؛ لأن التوازن مطلب أساسي، ومن دونه لا يستطيع المرء تحقيق ذاتهِ بنجاح.

تم عمل هذا الموقع بواسطة