من يمتلك حق تأليف الكتب ؟.

الإنجاز لا يقتصر على ترتيب بعض الجمل على ورقةٍ بيضاء وعرضها على رف -الأكثر مبيعًا-.

سبَقَ وأن طرحت مادة في احدى الصحف تتناول موضوع "اللغة العامية في الكتب" ومثلما اثارت هذه الموضة الجدل في المجتمعات العربية ، فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل يحق لنا مصادرة حق التأليف للأشخاص العاديين ؟ أو بمعنى أحرى لذوي الفكر والثقافة المتواضعيَن ؟

اختلفت وتنوعت وجهات النظر حول الإجابة على سؤالٍ كهذا ، فالبعض يميل للقول أنه من غير الممكن إيقاف ومنع الأشخاص ، وأن الكتابة والإصدار حقٌ للجميع دون استثناء ، والبعض الآخر يقف مضادًا ويقول أنه من الواجب على كل الجهات ذات العلاقة ، الحد من السماح من النشر كأمثال المشاهير وغير المتخصصين ، وفي الحقيقة أن منظور الثقافة ايضًا بات يختلف ، فآخر يقول أن الكتاب الفُلاني فارغٌ بلا معنى واخر يقول العكس.

وربما ليس أيّ من الفريقين على صواب بحكم أن كل فرد يحاول إثبات رأيه من زاويتهِ فحسب. لو تأملنا قليلًا انه ليس من العدل العمل بإحدى المناهج المذكورة ، وتحديدًا في الأمور الثقافية ، بل يلزم على دور النشر الوقوف وقفة محايدة ، والأخذ بتشجيع الكتّاب ونشر العلم ، وقياس أسس الثقافة من خلال معايير علمية موضوعية محددة ، فالجميع يملك حق الكتابة وبالمقابل الجميع يملك الحرية في صرف ماله على نوعية الكتب التي يراها جيدة وتناسبه.

المنع والتهكم ليس حلًا مثاليًا ودائم الجدوى ، وإعتماد الديموقراطية الفكرية والإجتماعية توسّع من الفرص أمام الجميع وبنسب متساوية ، ومن غير المقبول ذلك التهجم الذي شُنّ على شخوص الكتّاب وليس على ما كتبوه ، فالهدف في الرؤية الجوهرية وليس في محاولة الاحتكاك ومعاداة الافراد لذواتهم وشخصنة المواقف حسب ما نجده من موضوعات متاحة.

غير انه لا يخفى ان الثقة في الكثير من دور النشر باتت مهزوزة ومتزعزعة ، بسبب ما احدثته من اهتمام كبير بالمادة دون مراعاة كافية بالعائد المعرفي والثقافي لافراد المجتمع. كذلك ينبغي على القارئ ان يمتلك مهارة نقدية فيما يستقبله من افكار واراء. فتنمية النقد بحد ذاته سيحدث فارقا عظيما ولن يصبح المجتمع مضطرا الى منع تأليف الكتب غير المجدية لانه سيحسن التعامل معها.

والافكار المسمومة تفوق في خطرها الأفكار التافهه ، بحيث ان الاولى لا تكون صريحة وواضحة وهي ما نطلق عليه المثل الشعبي "دس السم في العسل" ، و على عكس الثانية من السهل نقدها وابراز عيوبها ايا كانت ، و لو افترضنا بجعل كل ما يُنشر ويُقرأ ذات فائدة عظمى من منظورٍ واحدٍ ولاشخاصٍ معينين فحسب ، لما كانت الحاجة لنقد المحتوى ، ولتصنيف الرسالة. اليوم اصبح من السهل اصدار الكتب لكن التحدي الاقوى يكمن في اثراء المضمون معرفيا ، و على ذلك يستحسن التعاطي بانفتاحية اكثر تحديدا مع الجيل الجديد ، وفتح الأبواب للجميع دون ان يكون العُمْر حاكم قطعي ضد الامكانات التي تحاول إبراز نفسها.

تم عمل هذا الموقع بواسطة